الخادمة:
عائلة همجية.. غرفة معيشتهم كأنها زريبة خنازير يسكنها أربعة مخلوقات تقف على قدمين! بعض الألعاب لطفلهم ملقاة في الزاوية بجانب كومة كبيرة من أوراق مذاكرة ابنهم الكبير.. وخلف الصوفا المهترئة تخبئ الأم أدوات زينتها التي لطخت البساط ببعض البقع الحمراء والبنفسجية. تضع أمهم مساحيق التجميل خلف الصوفا في الصالة لأن غرفتها لا تكفي لأي غرض آخر غير السرير ونبتة صبار جائعة تشبه التصحّر المادي والعاطفي الذي يعاني منه أفراد العائلة! وهكذا أصبحت الصالة بجدرانها الكريمية المصفرّة من أثر دخان التبغ مرتعا لجميع أنواع المخلّفات، ومما يزيد غرفة المعيشة شحوبا، مصابيحها الثلاثة التي لا تعمل بشكل فعال فإحدى هذه المصابيح مكسور والآخر يضطرب نوره المنبعث منه بسرعة فيبعث فيك الشعور بالغثيان. أما أكثر ما يسبب القرف -باستثناء رائحة دورة المياه التي تنشر عبقها في جميع أرجاء الصالة- هو بقعة الصودا الكبيرة في وسط الصالة. هذه البقعة التي تعيش هنا من قبل أن آتي للعمل، ويبدو أن أفراد العائلة البدائيين لم يتكلفوا عناء تنظيفها، فقد غزتها جميع أنواع الفطريات والعفن التي تم اكتشافها والتي لم يحن اكتشفاها للآن وأصبحت معلما في الصالة يستعملها أفراد العائلة كسفرة خيالية يضعون فوقها أطباقهم حين الأكل.
أما أنا فقد حظيت بنعمة تنظيف بيت الأشباح هذا ثلاث مرات في الأسبوع مقابل ملاليم لا تذكر، ومهما تفانيت في التنظيف والغسل –كما كنت أفعل أول أيامي قبل أن اكتشف قذارة العائلة المقصودة- يبقى المكان قذرا لن يتم تعقيمه إلا بهدمه وإعادة بناءه مجددا!
أتمنى أن يموتوا قريبا.. أربعتهم.. حتى طفلهم الرضيع الملطخ ببقع البراز والقيء يجب أن يموت: هكذا تختفي بعض الوباءات من سطح الكرة الأرضية ويكون موتهم أعظم خدمة إنسانية قدموها
التفاصيل الدقيقة جداً في هذه التدوينة وَ كأنها جعلتني الخادمة ! لا أكذبك أنا رأيت البيت أو تصوّرتُه وَ كأنني أسكن فيه ..!
تدوينة جميلة تشبه جمال حروفك المعتاد .. و لكن بشكلٍ مختلف ❤