لا أستطيع وصف شعور رؤيتي لنور حياتي يشع أمامي بعد دهر من الغياب والوحدة. هندامه أسرَّ نظري وشعرت ببعض الوخزات في قلبي حسبتُ حينها أنه البرد.
كان يرتدي كنزة صوفية زرقاء بلون السماء؛ الأزرق السماوي لونه المفضل، أعتقد أن هذا ما فعله غيابه بي، حولني لإنسانة مليئة بالرضّات الزرقاء التي لا تشْفى ولا يتغير لونها بل تتكاثر ويزداد اتساعها مع الأيام.
لا تسعفني الكلمات، وأعجز عن صفصفة ما دار في قلبي من ألم وحنين للذكريات، وفي نفس اللحظة غضبٌ عارم من شعور الاستغفال وتكرار الخيانات،
لا أذكر الآن كيف آلت الأمور إلى ماهي عليه الآن من انفصال،
-أكذب-
أذكر جيدا وبالتفاصيل ما حصل،
كيف أنسى الدموع
والإساءات المتكررة لرئتيّ
أذكر جيدا الفراغ وثقله
والاشتياق وجرائمه
لكني أتناسى،
لم أُشف تماما ولا أعتقد أني سأشفى قريبا،
فبسببه أضاءت حياتي وانطفأت
وبنيت ثقتي وانهدمت،
لكني أتناسى!
أحاول أن أعيش “جنب الحيطة”
ابتسم لي –بعد سلسلة من الغياب المنقطع الذي يجدد في نفسي الأمل- وابتسمت أنا،
قرأت في عينيه اعتذارا طويلا، وتبريرات أبدية، وبلمسة من يدي طمأنته ألا يحار؛ فالماضي الذي ولّى لن يعود، وبقدر صلواتي التي تلوتها على الله، لا أريده أن يعود
فالحب من قلبي استحال إلى زرقة أغمق بقليل من الكنزة السماوية التي يرتديها،
وما تبقى من أمل استُنفد مع الدموع المصبوبة في مساءاتي الطويلة
أما هو فقد طأطأ رأسه شاكرا عقلي الذي لطالما وزن أموره بالمنقلة والفرجار، غافلا عن جبال الكمد التي ظلت تطبق على قفصي الصدري مرارا كلما نظرت إلى ملامحه، ومتناسيا سيل رسائل الحنين الذي أغرق هاتفه ومحاولات استجداء رجوعه، وغاضّا الطرف عن انكسارات حروفي أثناء الحديث معه.
أفلتّ أصابعي من يده وابتسمت من بين ألف دمعة قررت أن تجف لحظتها وللأبد، ابتسمت وقلت له “صباح الخير يا صديقي، لنبدأ هذا اليوم الجديد من جديد”
لا أستطيع وصف شعور رؤيتي لنور حياتي يشع أمامي بعد دهر من الغياب والوحدة. لا أستطيع وصف الوهج وهو ينطفئ أمامي ويشتعل ثم ينطفئ مرة أخرى وللأبد.