أكثر المشاهد الميلودرامية التي ستمر بها في حياتك هو انفصالك الأول، ومهما كانت الطريقة وتعددت الأسباب، فالدراما واحدة. كمية دموع تستطيع إغراق فيل أفريقي بها، وليالي من البكاء كفيلة أن تجعل من أنفك خرطوم هذا الفيل. ثم حدث ولا حرج عن أطنان الآمال الخائبة التي يشوبها أمل العودة في يوم من الأيام، والأحلام المهدرة التي يسحقها واقعك الشرس، والوعود المنسية التي لا طائل الآن من حفظها أو السعي عليها. مشهد درامي يطغى عليه اللون البرتقالي بذراته الترابية التي تترامى على قلبك الأخضر الغض لتحوله في غضون أيام إلى صحراء تلهث لقطر الندى. كل ما حولك كئيب يملؤه الفراغ: فراغٌ يتسع مع مرور الوقت ليبلعك ويجبرك على إدراك حجم وحدتك الآن. وحدتك التي ستظن ولوقت طويل أنها أبدية كالموت. تقبع في ركن غرفتك على الأرض تتلقى الذكريات رفسات أسفل معدتك، تتكوّر على الأرض وتنزف الألم متمنيّا بأشد الصدق أن تنزف تجربة حبك الأول -حرفيا- لتموت. هذا المشهد يتكرر كل ليلة إلى أن تشفى وتتجاوز وتصفح، إلى أن يصبح من تركك شفافا وكأنه لم يكن.
ملاحظة: لا أحد منا ينجو من عذابات الانفصال الأول، ولا تعتقد أنك إن أحببت مرة أخرى ستكون الميتة أخف على قلبك، لا أحد منا يتعود على الألم، ولا يوجد من يتحمّل الفقد، وكل مرة تخيب آمالنا في شخص، ننزل إلى نفس الدرك الأسفل من العذاب ونتلوّى بنيران الهوى والاشتياق، ولكن اطمئن على قلبك، فقد جُبِل على حب الحب، وفُطر على مغالبة صروف الدهر حتى وإن حمل وصمة جراحه للأبد
الله يبارك في قلمك..