تصطبر على الحياة في بعدهم: مؤمنا أن القدر لا يهديك إلا السعادة وإن طالت ليالي الأرق والكآبة. تحاول أن تعيش يومك متجاهلا تفاصيل كثيرة تذكرك بهم، كباب شقتك المكسور والذي كان محور حديثكم لساعات، ومخدتك التي سببت لك آلاما في الرقبة حاولوا مرات عديدة نصحك حيالها، وطبعا والأكيد شاشة هاتفك التي كلما أضاءت أحدثت في قلبك مهرجانا من الآلام وكرنفالا من الدموع المحبوسة والعديد العديد من ألوان قوس قزح التي تشرق بالأمل الذي ينطفئ بمجرد أن ترى أن من يرسل لك هذه الساعة ليس -هم-. تصطبر وتتصبّر وانت تراهم يضحكون ويبكون وأحيانا يشتكون ويكرهون، ولابد لك من أجل الذوق العام والاتيكيت الاجتماعي أن تستجمع قواك وتصطبر؛ فمن كتبت لهم الحياة العيش من دونك، سيعيشون -بسعادة- من دونك، ومن تقرر الأقدار أنهم بأفضل حال بعيدين عنك، سيبتعدون عنك، ليعلّمك الله أن التعلّق بالأشخاص مرض، وأن حافة الجنون ماهي إلا عَرَض، وأنه لن يدوم لك أحد مهما طالت العشرة واسترسلت في حبك وتغنّيتَ بالأشواق والذكريات والوجد. تصطبر وتبدأ في اكتشاف أنواع السعادة السبعة أو الثمانية أو المليون، تتعلم أن الحياة -في آخر الأمر- ستهديك السعادة أشكالا وأنواعا، وستسرق من سعادتك أيضا أشكالا وأنواعا أخرى. لذلك تظل تعيش حياتك صابر متصبّرا آملا أن تدخل الجنة من باب الصابرين
ما هذه الدنيا دنياكم التي تصورونها،
الا كغريقـ مات ولا نعلم اماتـ غرقاً او منـ شدة العطشـ