آلة الخياطة

سألني صديقي الفضائي ذات مرة إن كنت قد فكرت أي من الجمادات أنا؟ أرسلت له رسالة نصية من دون تردد “ماكينة خياطة” لم يسألني صديقي الأناني عن سبب اختياري لهذه الآلة وسارع بإرسال رسالة نصية يرد فيها على سؤاله وكيف سيكون طائرة ليحلق إلى أنحاء العالم! تضايقت نوعا ما لأني احتجت حقا أن “أفضفض” عن سبب اختياري لماكينة الخياطة، حاجتي الملحة هذه تنبع في استمتاعي للعب دور الضحية (اكتشاف اكتشفته مؤخرا عن نفسي). تذكرت بعدها أني لست بحاجة له وأني سأكتب هنا عن ماكينة الخياطة (أنا). فما هو الأدب إلا مشاعر نود الافصاح عنها لأشخاص معينين ولا نستطيع!

السبب: أمشي بين أصدقائي وسمعتي كشابة لا تحمل هموم تسبقني، كصديقة تسمع من يحتاجها، لذلك فضلت حمل إبرتي والكثير من الخيوط في كل مكان معي. وكلما انقطعت أنسجة أحد الأصدقاء، رقعتُ أنا ما فيها من ثقوب. أنا تلك الآلة التي لا تكل ولا تتعب من تلصيق وتجبير وخياطة كل ما من شأنه أن يفتق أقمشة أصدقائي الروحية. أغزل أفراحهم وأحاول بشتى الطرق أن أطرزها بما أملك من خرز ولآلىء.

ما يثير السخرية في ماكينة الخياطة هذه هو أن الإبرة تضيع وتنفرط الخيوط في جميع الاتجاهات، أفقد السيطرة على ماكينتي بمجرد أن أحاول ترقيع جروحي أنا. كآلة حديدة يأكلها الصدأ أبقى عاجزة عن فهم ما يجري لي، لا البكرة تعمل! ولا جدوى من الأبرة المكسورة! أصبح جمادا لا فائدة مني ولا طائل، أتجمد هكذا في ركن الغرفة المظلمة أصدر أصواتا ناحبة فأنا أتوق لخياطة هذه الجروح التي تتقرح الآن بسبب الصدأ. تمر الأيام من خلالي وأنا مكتوفة لا أقوى على الحركة ليمسكني أحدهم بالصدفة ويُصعق من برودي؛ فأنا لم أعمل منذ مدة، معطوبة، ومفاصلي تؤلمني. أحتاج من الحياة أن ترفق بي فأنا مجرد آلة

Leave a comment