لطالما عرفت حقيقة أنك أفضل من أن تكون صديقي .. فنحن كقطبي مغناطيس.. انت الموجب (دائما) وأنا السالب..
فأنت يا سيدي لا تحب القهوة السوداء .. معدتك أرق من أن تتحمل وعثاء الكافيين، وذوقك أحلى من أن يشتهي المر من الشراب: الشاي الذي تشربه في المناسبات مليء بالسكر، وحلوياتك التي تشتهيها بعد كل وجبة “سكرها زيادة”
وانت يا صديقي تعيش أيامك كما هي.. فالقدر والحظ يلعبان دورا رئيسيا في تسيير دفة حياتك .. تحب من الحياة أن تفاجئك ويظهر هذا واضحا في إدمانك على أغاني الراديو التي أصبحت رمزا مصغرا للمفاجآت.. اما ابتسامتك المطمئنة لا تفارق شفتيك في كل أحوالك: في حالات الارتفاع والغرق، وفي أيام تتكالب عليك هموم الدنيا وتتفق أحزان العالم كلها عليك، يكون قلبك أطيب من أن يلتفت للحياة بوجه عابس
أما ضميرك أيها العزيز مربوط بعقدة المسيح التي لطالما استفزت الشر داخلي.. فانت وإن لم تقع في الخطأ، ملاحق بشعور المذنب!! تهتز لدموع الآخرين وتشعر أنك المسؤول عن إسعادهم.. تصلب مزاج يومك كله على ابتسامة من تحب.. ولو كان بيدك تقديم السعادات للناس على أطباق، ما ترددت لحظة عن فعل ذلك!
تعيش الواقع بكل دقة وتحذر من الشر وكأنه حولك يتلقفك من كل صوب.. تحسب حساب أصغر النوايا و تدقق في تصرفاتك والتي اصبحت بشكل اوتوماتيكي مثالية جدا وخالية من أي هفوات..
أما أنا يا صديقي
أسكن الطرف السالب من المغناطيس!! مطبوع على جبهتي علامة الناقص.. لطالما شعرت بالنقص وكلما حاولت إكمال ما نقص بي ازددت نقصان.. ولطالما كان الشعور بالنقص هو النقص بعينه!
أكوي معدتي كل صباح بمرارة القهوة التي يصبغ أسودها خوفي من الحياة ومن فقدانها.. أعيش في عالم بعيدا عن الواقع، اتخيل نفسي فضائية تعيش في عالم من صنع أفلاطون.. أرفض أن أترك للقدر أن يتصرف في أيامي، فأنا وبكل ما أوتيت من تهور واستسلام، أجازف بالساعات والدقائق، أتخير أفضلها لأرميها هنا وهناك لأضيع منها وفيها.. ثم تجدني في نهاية يومي نادمة، لوامة، تعيسة تملؤني مرارة قراراتي فوق مرارة قهوتي..
انا وانت يا سيدي لا نتشارك شيء .. ولا نشبه بعض ابدا.. نشبه الاختلاف.. نشبه التطرف.. ونشبه المتضادات..
لطالما عرفت حقيقة أنك أفضل من أن تكون صديقي .. فنحن كقطبي مغناطيس.. انت الموجب (دائما) وأنا السالب… ننجذب لبعض.. حتما ننجذب لبعض ولكننا نسكن قطبي المغناطيس لذلك لا نلتقي .. لا نلتقي ابدا