تردد في المدرسة النشيد الوطني،

وفي الشارع ترقص على “يا دار لا هنتي ولا هان راعيك”

تبكي حين تسمع ” موطني

الشباب لن يكل همه أن يستقل .. أو يبيد”

ثم ترقص مرة أخرى على “واحنا ويا بعض أقوى وأملنا كبير”

كلمات كهذه و أخرى مثل “روحي وما ملكت يداي فداه” تبقى معلقة في ذاكرتك لسبب واحد وهو اقتناعك المزيف بصدقها، وإثارتها لمشاعر الفخر والانتماء فيك.. مشاعر إنسانية بحتة لا أناقشك في مصدرها

لست مع نظرية المؤامرة واستسخفها جدا لكن .. انتاج آلاف الكلمات في حب الوطن والتغني فيه بلغات عديدة ولهجات مختلفة أمر يدعو للتعجب والغرابة … على الأقل بالنسبة لي.. لا أشكك في صدق مشاعر الكاتب وحب المغني وفخر المستمع بوطنه وارضه التي كبر فيها واكل من خيراتها وتربى تحت سمائها وغيرها من جمل كتاب القراءة والمحفوظات.. ولكن

يكمن ذكاء السياسي المحنك والحاكم الفطن وكل الأجهزة المسخرة لخدمتهم في معرفته لسيكولوجية الإنسان الضعيف ومدى هشاشة دواخل البشر وانسياقهم نحو فطرتهم للانتماء الى جماعة ما، لذلك يلعب (هو وكاتب الأغنية والمغني والقناة المنتجة وحفنة اخرى من الجنود اللا مرئيين) بالكلمات المبتذلة هذه.. كلمات تغذي احساس مزيف بهوية الفرد وتعزز من مبدأ مشاركة الجماعة لصنع “الحلم العربي” وأي أحلام ظاهراها بناء عوالم حضارية تنعم بالسلام والأمن والكرامة، اما حقيقتها (الأغاني هذه) هي خدمة السلطة الحاكمة في بقاءها اطول مدة ممكنة، توليد المال … الكثير من المال للطبقة التي ينتمي اليها المغني/الكاتب/الملحن/ مدير القناة الفلانية وصاحب الاذاعة العلانية والذين في اغلب الاحيان اصدقاء او اقارب!!!

اما الضحية هو الرقاص غالبا والباكي النائح على مثل هذه الكلمات.. المستمع .. المواطن الكادح .. انت ايها الإنسان الضعيف الذي مرارا وتكرارا تستمع لكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع .. كلمات تهز مؤخرتك على ألحانها في اليوم الوطني… كلمات تغرد بها في تويتر … وتنشدها في الاذاعة .. آملا أن تتحول هذه الكلمات إلى حقيقة في أرض الواقع..

سر صغير في أذنك: حلمك في حضن يضمك انت وجماعتك هو حلم .. مجرد حلم..