ضوء الكشاف في آخر القاعة يتجه في خطوط مستقيمة تخترق عينيه وتجعله غير قادرا على تمييز الوجوه المحدقة فيه بملل شديد. لماذا لا يضحكون يا امي؟ راحتي كفيه تمتلئ بحبات العرق الذي يجف مع هواء التكييف الذي يلفحه من اسفل المسرح البيضاوي. أحس بأصابع يديه تلتصق ببعض وهو يحاول جاهدا أن يفرقها. يقف على المسرح كعود “نكاش الأسنان” هزيلا مصفرا بشفتين زرقاء بلون التوتر الذي يعتريه. لماذا لا يضحكون يا أمي؟ شعر بمفاصل جسده تتفكك وتتحول ساقيه الى مطاط لا يقوى على الوقوف. يقول النكتة الثانية والجمهور لا يضحك. نور الكشاف يعميه عن رؤية الملل الذي ينعكس في وجوههم ولكن قلبه الذي ينبض بسرعة الصوت يخبره أن الجمهور غير راضي وأن أحدهم سيرميه بحبة طماطم بعد دقيقة! ولكن هي ضحكت عندما سمعتها في البيت! كانت في المطبخ تعد حساء الكرنب حين جاءها مسرعا فرحا بطرفته التي ألفها وألقاها عليها وضحكت! أمه قالت أنها مضحكة وضحكت!! لماذا لا يضحكون الآن يا أمي؟ أحس بأمعاءه تتقلص ومعدته تضرب جدار بطنه، أدرك أنه لابد له من النزول عن المسرح، فالمعكرونة التي تناولها على الغداء ستسافر عبر جهازه الهضمي وتهبط على الأرض محدثة وجبة برائحة مزعجة ومنظر تعيس غير مشهي! انتهى ونزل من المسرح! لماذا لا يضحكون يا أمي؟