رمادية

هذا ما تريده أكثر من أي شيء في الحياة: اليقين. هذا ما سعت من أجله! بعد عام وأكثر من التخبط والحيرة، قررت أنه لقد حان الآن وقت راحة البال، فالعقل بحاجة لإجازة اضطرارية والقلب يتوق لاستوطان قلب واحد فقط. أتعبها جدا أن تكون حجرات قلبها في أماكن متفرقة، ولعبة شد الحبل وهي في المنتصف لم تعد تناسبها! أتعبتها منطقة المنتصف، فالمنتصف رمادي وهي بيضاء شاحبة لا يناسبها اللون الرمادي بل يزيدها شحوبة! إذن ستلبس أبيض الثلج أو الليل! حجرة ترميها في قلب كليهما ويا تصيب يا تخيب! ويبدو أنها خابت ولكنها على الأقل أصبحت متيقنة ووصلت لغايتها! عرفت موقعها من الإعراب: ضمير مستتر معه ومجرورة بالكسرة في القلب مع الآخر. خرجت من الشك الى اليقين بلعبة في يدها كريستالة! ويبدو أنها خابت.. كريستالة أدركت بها أن الحياة غير عادلة في معظم الأوقات، تيقنت من مكانها في الحياة.. تيقنت كثيرا وتيقنت انها خابت.. ثم تراجعت عن قرارها، عما تريده انسحبت، يبدو أن المنطقة الرمادية أجمل. رمت الكريستالة وانكسرت وأصبحت ترى نفسها في الكريستالات الصغيرة على الأرض.. وأعجبها شكلها!

إذن هي كاذبة! هذا ما تريده أكثر من أي شيء في الحياة: الحيرة. يبدو أنها أدمنت اللون الرمادي ويبدو أنها غواصة في بحر الأفكار المتناقضة! هوايتها: رمي نفسها في مثلثات لا معنى لها! بعض الأشكال الهندسية لا تجلب إلا وجع الدماغ عند تحليلها واثبات وجودها، وهي قررت أن تتخبط دائما بين زوايا مثلثات متوازية الأضلاع بقية حياتها. فاليقين أربكها وما عاد مثيرا في نظرها بعد أن تهشمت الكريستالة على أرض الواقع!! ليست ضعيفة بل العكس، أقوى بنت! قوية لدرجة انها تختار بإرادتها أن تبقى في حيرتها ضاربة راحة عقلها عرض الحائط الأبيض.. تشعر بالحرية هناك، وسط معمعة تفاصيل حياتها الصغيرة. حيرتها مصدر ابداعها! قلت لكم هي كاذبة عندما قالت في يوم ما انها ملت حيرتها وانها تتوق الى اليقين! فمثلها يتنفس ضباب الارتباك ويعيش عليه! حياتها حاليا مقلوبة، وكل ساعة تقلب نفسها كساعة رملية تفرغ ذراتها في الوعاء الفارغ وما ان يمتلئ حتى تنقلب مرة اخرى!! تدرك جيدا جحم الضرر الذي تلحقه على روحها المرهقة ولكنها قوية.. أقوى بنت! لدرجة ان رمل ساعتها الرملية يمشي بإيقاع ثابت نحو أيام أكثر حيرة وضبابية من قبل وهي مدركة أنها في كل يوم تخسر جزء من نفسها وتبتعد أميالا عن يقينها ولكن من يدري فربما هذا قدرها؟

One thought on “رمادية

  1. متقدمه كثيرا في اطروحاتك الراقيه *

    هذه الدنيا رحلة عبور و ليست المنفى *

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s